فصل: كتاب دعوى الدم والقسامة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ:

(تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا لَا مُقَدِّرَ فِي) مِنْ الدِّيَةِ (وَهِيَ جُزْءُ نِسْبَتِهِ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ وَقِيلَ إلَى عُضْوِ الْجِنَايَةِ نِسْبَةُ نَقْصِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (مِنْ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ) الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِدُونِ الْجِنَايَةِ عَشَرَةً، وَبَعْدَ الْجِنَايَةِ تِسْعَةً فَالنَّقْصُ الْعُشْرُ فَيَجِبُ عُشْرُ دِيَةِ النَّفْسِ وَقِيلَ عُشْرُ دِيَةِ الْعُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَالْيَدِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْحُكُومَةُ (لِطَرَفٍ) أَيْ لِأَجْلِهِ (لَهُ) أَرْشٌ (مُقَدَّرٌ اشْتَرَطَ أَنْ لَا تَبْلُغَ) الْحُكُومَةُ (مُقَدَّرَهُ فَإِنْ بَلَغَتْهُ نَقَصَ الْقَاضِي شَيْئًا) مِنْهُ (بِاجْتِهَادِهِ) قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَكْفِي حَطُّ أَقَلَّ مَا يُتَمَوَّلُ (أَوْ) كَانَتْ لِطَرَفٍ (لَا تَقْدِيرَ فِيهِ كَفَخِذٍ) وَظَهْرٍ (فَإِنْ) أَيْ فَالشَّرْطُ أَنْ (لَا تَبْلُغَ) الْحُكُومَةُ (دِيَةَ نَفْسٍ) وَيَجُوزُ أَنْ تَبْلُغَ دِيَةَ طَرَفٍ مُقَدَّرِ الْأَرْشِ كَالْيَدِ وَأَنْ يُزَادَ عَلَى دِيَتِهِ (وَيُقَوَّمَ) لِمَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ (بَعْدَ انْدِمَالِهِ) أَيْ انْدِمَالِ جُرْحِهِ (فَإِنْ لَمْ يَبْقَ) بَعْدَ الِانْدِمَالِ (نَقْصٌ) لَا فِيهِ، وَلَا فِي الْقِيمَةِ (اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ نَقْصٍ) فِيهِ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ (إلَى الِانْدِمَالِ وَقِيلَ بِقَدْرِهِ) أَيْ النَّقْصِ الْمَذْكُورِ (قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ) لِئَلَّا تَخْلُوَ الْجِنَايَةُ عَنْ غُرْمٍ (وَقِيلَ لَا غُرْمَ) وَحِينَئِذٍ يَجِبُ التَّعْزِيرُ. (وَالْجُرْحُ الْمُقَدَّرُ) أَرْشُهُ (كَمُوضِحَةٍ يَتْبَعُهُ الشَّيْنُ حَوَالَيْهِ) وَلَا يُفْرَدُ بِالْحُكُومَةِ (وَمَا لَا يَتَقَدَّرُ) أَرْشُهُ (يُفْرَدُ) الشَّيْنُ حَوَالَيْهِ (بِحُكُومَةٍ فِي الْأَصَحِّ)، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالثَّانِي الْمَذْكُورُ فِي الْوَجِيزِ أَنَّهُ يَتْبَعُ الْجُرْحَ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَلَامٌ آخَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ يُوَافِقُهُ الثَّانِي (وَ) تَجِبُ فِي (نَفْسِ الرَّقِيقِ) الْمُتْلَفِ (قِيمَتُهُ) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ لِيَسْتَوِيَ فِيهِ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ (وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ النَّفْسِ مِنْ الْأَطْرَافِ وَاللَّطَائِفِ (مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ) ذَلِكَ الْغَيْرِ (فِي الْحُرِّ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَدَّرَ فِيهِ كَالْمُوضِحَةِ وَقَطْعِ الطَّرَفِ وَغَيْرِهِمَا، (فَنِسْبَتُهُ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ فَيَجِبُ مِثْلُ نِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَفِي قَطْعِ يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ. (وَفِي قَوْلٍ) يَجِبُ (مَا نَقَصَ) مِنْهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مَالٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ قَدِيمٌ.
(وَلَوْ قُطِعَ ذَكَرُهُ وَأُنْثَيَاهُ فَفِي الْأَظْهَرِ) يَجِبُ (قِيمَتَانِ وَالثَّانِي) يَجِبُ (مَا نَقَصَ) مِنْ قِيمَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ) عَنْهَا (فَلَا شَيْءَ) فِيهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
باب موجبات الدية:
أَيْ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابَيْنِ (وَالْعَاقِلَةِ) عَطْفٌ عَلَى مُوجِبَاتِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمْ (وَالْكَفَّارَةِ) لِلْقَتْلِ وَذَكَر فِيهِ قَبْلَهَا الْغُرَّةَ وَجِنَايَةَ الْعَبْدِ إذَا (صَاحَ عَلَى صَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ) كَائِنٌ (عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ) أَوْ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ (فَوَقَعَ بِذَلِكَ) الصِّيَاحِ بِأَنْ ارْتَعَدَ بِهِ (فَمَاتَ) بَعْدَ الْوَقْعِ (فَدِيَةٌ) أَيْ فَفِيهِ دِيَةٌ (مُغَلَّظَةٌ) بِالتَّثْلِيثِ (عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِي قَوْلٍ) فِيهِ (قِصَاصٌ) لِأَنَّ التَّأَثُّرَ بِهِ غَالِبٌ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ غَلَبَتَهُ وَيَجْعَلُ مُؤَثِّرَهُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَقَوْلُهُ لَا يُمَيِّزُ مُقَابِلُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ. (وَلَوْ كَانَ) الصَّبِيُّ الْمُصَيَّحُ عَلَيْهِ (بِأَرْضٍ) فَمَاتَ (أَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ بِطَرَفِ سَطْحٍ) وَنَحْوِهِ فَسَقَطَ وَمَاتَ (فَلَا دِيَةَ) فِيهِمَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ لِأَنَّ الصِّيَاحَ حَصَلَ بِهِ فِي الصَّبِيِّ الْمَوْتُ وَفِي الْبَالِغِ عَدَمُ التَّمَاسُكِ الْمُفْضِي إلَيْهِ، وَدَفَعَ بِأَنَّ مَوْتَ الصَّبِيِّ بِمُجَرَّدِ الصِّيَاحِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ، وَعَدَمُ تَمَاسُكِ الْبَالِغِ بِهِ خِلَافُ الْغَالِبِ مِنْ حَالِهِ، فَيَكُونُ مَوْتُهُمَا مُوَافَقَةَ قَدَرٍ (وَشَهْرُ سِلَاحٍ كَصِيَاحٍ)، فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ (وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ كَبَالِغٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ. (وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ) لَا يُمَيِّزُ عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ (وَسَقَطَ) وَمَاتَ (فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) فِيهِ لِتَأْثِيرِهِ خَطَأً.
(وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ مَنْ ذُكِرَتْ) عِنْدَهُ (بِسُوءٍ فَأَجْهَضَتْ) أَيْ أَلْقَتْ جَنِينًا فَزَعًا مِنْهُ (ضُمِنَ الْجَنِينُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَجَبَ ضَمَانُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّ فِيهِ الْغُرَّةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ (وَلَوْ وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ) أَيْ مَوْضِعِ السِّبَاعِ (فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ لَهُ أَمْكَنَهُ انْتِقَالٌ أَوْ لَا (وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتِقَالٌ) عَنْ مَوْضِعِ الْهَلَاكِ (ضَمِنَ) لِأَنَّ الْوَضْعَ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ يُعَدُّ إهْلَاكًا عُرْفًا، وَالْأَوَّلُ قَالَ لَيْسَ بِإِهْلَاكٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُلْجِئُ السَّبُعُ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمَوْضُوعُ بَالِغًا فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا (وَلَوْ تَبِعَ بِسَيْفٍ هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مِنْ سَطْحٍ) فَهَلَكَ (فَلَا ضَمَانَ) لَهُ عَلَى التَّابِعِ لِأَنَّهُ بَاشَرَ إهْلَاكَ نَفْسِهِ قَصْدًا (فَلَوْ وَقَعَ) فِيمَا ذُكِرَ (جَاهِلًا) بِهِ (لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ ضَمِنَ) التَّابِعُ لَهُ لِإِلْجَائِهِ إلَى الْهَرَبِ الْمُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ. (وَكَذَا لَوْ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ فِي هَرَبِهِ) فَهَلَكَ أَيْ ضَمِنَهُ التَّابِعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا ذُكِرَ، وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ شُعُورِهِ بِالْمُهْلِكِ وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَوْ كَانَ الرَّامِي نَفْسُهُ صَبِيًّا وَقُلْنَا عَمْدُهُ خَطَأٌ ضَمِنَهُ التَّابِعُ لَهُ (وَلَوْ سُلِّمَ صَبِيٌّ إلَى سَبَّاحٍ لِيُعَلِّمَهُ) السِّبَاحَةَ أَيْ الْعَوْمَ (فَغَرِقَ وَجَبَتْ دِيَتُهُ) لِأَنَّ غَرَقَهُ بِإِهْمَالِ السَّبَّاحِ وَهِيَ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَأَنَّ الْمُسَلِّمَ الْوَلِيُّ (وَلَوْ سُلِّمَ صَبِيٌّ إلَى سَبَّاحٍ لِيُعَلِّمَهُ) السِّبَاحَةَ أَيْ الْعَوْمَ (فَغَرِقَ وَجَبَتْ دِيَتُهُ) لِأَنَّ غَرَقَهُ بِإِهْمَالِ السَّبَّاحِ وَهِيَ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَأَنَّ الْمُسَلِّمَ الْوَلِيُّ (وَلَوْ حَفَرَ بِدِهْلِيزِهِ بِئْرًا وَدَعَا رَجُلًا) فَدَخَلَهُ (فَسَقَطَ) فِيهَا فَهَلَكَ، (فَالْأَظْهَرُ ضَمَانُهُ) لِأَنَّهُ غَرَّهُ، وَالثَّانِي لَا ضَمَانَ فِيهِ لِأَنَّ الْمَدْعُوَّ غَيْرُ مُلْجَأٍ (أَوْ) حَفَرَ (بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ مُشْتَرَكٍ بِلَا إذْنٍ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَمَضْمُونٌ) أَيْ حَفْرُهُ فِيهِمَا (أَوْ حَفَرَ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ فَكَذَا)، أَيْ هُوَ مَضْمُونٌ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ وَلَيْسَ لَهُ الْإِذْنُ فِيمَا يَضُرُّ وَالثَّلَاثُ مِنْ الْعُدْوَانِ (أَوْ لَا يَضُرُّ) الْمَارَّةَ (وَأَذِنَ الْإِمَامُ) فِيهِ (فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ. قَالَ فِي التَّتِمَّةِ سَوَاءٌ حَفَرَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً أَوْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ (فَإِنْ حَفَرَ لِمَصْلَحَتِهِ فَقَطْ) فَالضَّمَانُ فِيهِ (أَوْ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ) كَالْحَفْرِ لِلِاسْتِقَاءِ أَوْ لِجَمْعِ مَاءِ الْمَطَرِ (فَلَا) ضَمَانَ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِجَوَازِهِ وَالثَّانِي قَالَ الْجَوَازُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. (وَمَسْجِدٌ كَطَرِيقٍ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ الْحَفْرِ بِتَفْصِيلِهِ وَمِنْهُ مَا فِي التَّتِمَّةِ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَسْجِدٍ لِيَجْتَمِعَ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ (وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ جُنَاحٍ) أَيْ خَشَبٍ خَارِجٍ (إلَى شَارِعٍ فَمَضْمُونٌ) وَإِنْ كَانَ إشْرَاعُهُ جَائِزًا بِأَنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَارَّةِ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالشَّارِعِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الضَّمَانِ بَيْنَ أَنْ يَأْذَنَ الْإِمَامُ فِي الْإِشْرَاعِ أَوْ لَا وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ جُنَاحٍ إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فِيهِ الضَّمَانُ وَبِإِذْنِهِمْ لَا ضَمَانَ فِيهِ (وَيَحِلُّ إخْرَاجُ الْمَيَازِيبِ إلَى شَارِعٍ) لِلْحَاجَةِ الظَّاهِرَةِ فِيهِ (وَالتَّالِفُ بِهَا مَضْمُونٌ فِي الْجَدِيدِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْجُنَاحِ وَالْقَدِيمُ لَا ضَمَانَ فِيهِ لِضَرُورَةِ تَصْرِيفِ الْمِيَاهِ وَمَنَعَ الْأَوَّلَ الضَّرُورَةُ (فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ فَسَقَطَ الْخَارِجُ) مِنْهُ فَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ (فَكُلُّ الضَّمَانِ) بِهِ (وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ) فَإِنْ تَلِفَ (فَنِصْفُهُ) أَيْ الضَّمَانُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ التَّلَفَ بِالدَّاخِلِ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَوَزَّعَ عَلَى الْخَارِجِ النِّصْفَ، وَالثَّانِي الْقِسْطَ قِيلَ بِالْوَزْنِ وَقِيلَ بِالْمِسَاحَةِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَرْجِيحُ الْوَزْنِ فَهُمَا مِنْ الشَّرْحِ.
(وَإِنْ بَنَى جِدَارَهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ فَكَجَنَاحٍ) أَيْ فَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مَضْمُونٌ (أَوْ) بَنَاهُ (مُتَسَوِّيًا فَمَالَ) إلَى شَارِعٍ (وَسَقَطَ) وَأَتْلَفَ شَيْئًا (فَلَا ضَمَانَ) بِهِ لِأَنَّ الْمَيْلَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ (وَقِيلَ: إنْ أَمْكَنَهُ هَدْمُهُ أَوْ إصْلَاحُهُ ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ النَّقْضِ وَالْإِصْلَاحِ (وَلَوْ سَقَطَ) بَعْدَ مَيْلِهِ (بِالطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ شَخْصٌ) فَهَلَكَ (أَوْ تَلِفَ) بِهِ (مَالٌ فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ السُّقُوطَ لَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ، وَالثَّانِي الضَّمَانُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ رَفْعِ مَا سَقَطَ الْمُمْكِنِ. لَهُ فَالْخِلَافُ هُنَا هُوَ الْخِلَافُ فِيمَا قَبْلَهُ (وَلَوْ طَرَحَ قُمَامَاتٍ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ كُنَاسَاتٍ (وَقُشُورَ بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (بِطَرِيقٍ) فَحَصَلَ بِهَا تَلَفٌ لِشَيْءٍ (فَمَضْمُونٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَالثَّانِي غَيْرُ مَضْمُونٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي طَرْحِ مَا ذُكِرَ وَلَوْ طَرَحَ فِي مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ. (وَلَوْ تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْحَوَالَةُ وَذَلِكَ (بِأَنْ حَفَرَ) وَاحِدٌ بِئْرًا (وَوَضَعَ آخَرُ حَجَرًا عُدْوَانًا فَعُثِرَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (وَوَقَعَ) الْعَاثِرُ (بِهَا فَعَلَى الْوَاضِعِ) الضَّمَانُ لِأَنَّ الْعُثُورَ بِمَا وَضَعَهُ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهُ إلَى الْوُقُوعِ فِي الْمُهْلِكِ، فَوَضْعُ الْحَجَرِ سَبَبٌ أَوَّلٌ لِلْهَلَاكِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ سَبَبٌ ثَانٍ لَهُ (فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْوَاضِعُ) بِأَنْ وَضَعَ حَجَرًا فِي مِلْكِهِ وَحَفَرَ آخَرُ بِئْرًا عُدْوَانًا فَعَثَرَ ثَالِثٌ بِالْحَجَرِ وَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَهَلَكَ (فَالْمَنْقُولُ تَضْمِينُ الْحَافِرِ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ كَانَ حُصُولُ الْحَجَرِ عَلَى طَرَفِ الْبِئْرِ بِالسَّيْلِ (وَلَوْ وَضَعَ) وَاحِدٌ (حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ (وَآخَرَانِ حَجَرًا) بِجَنْبِهِ (فَعَثَرَ بِهِمَا) آخَرُ فَمَاتَ (فَالضَّمَانُ) لَهُ (أَثْلَاثًا) نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْوَاضِعِ (وَقِيلَ نِصْفَانِ) عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفٌ وَعَلَى الْآخَرَيْنِ نِصْفٌ نَظَرًا إلَى عَدَدِ الْمَوْضُوعِ (وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ (فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ) فَهَلَكَ (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) لِأَنَّ الْحَجَرَ إنَّمَا حَصَلَ هُنَا بِفِعْلِهِ. (وَلَوْ عَثَرَ) مَاشٍ (بِقَاعِدٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ وَاقِفٍ بِالطَّرِيقِ وَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا ضَمَانَ إنْ اتَّسَعَ الطَّرِيقُ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَوَجْهُهُ الِاشْتِرَاكُ فِي عَدَمِ التَّعَدِّي وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ إهْدَارُ الْعَاثِرِ وَضَمَانُ عَاقِلَتِهِ الْمَعْثُورِ بِهِ أَيْ لِنِسْبَتِهِ إلَى تَقْصِيرٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ ضَاقَ الطَّرِيقُ (فَالْمَذْهَبُ إهْدَارُ قَاعِدٍ وَنَائِمٍ) لِتَقْصِيرِهِمَا (لَا عَاثِرٌ بِهِمَا وَضَمَانُ وَاقِفٍ) لِأَنَّ الْوُقُوفَ مِنْ مَرَافِقِ الطَّرِيقِ (لَا عَاثِرٌ بِهِ) لِتَقْصِيرِهِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ضَمَانُ كُلٍّ مِنْهُمْ وَالثَّالِثُ ضَمَانُ الْعَاثِرِ وَإِهْدَارُ الْمَعْثُورِ بِهِ وَالرَّابِعُ عَكْسُهُ.
(تَنْبِيهٌ): مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَضْمِينِ الْوَاضِعِ وَالْحَافِرِ وَالْمُدَحْرِجِ وَغَيْرِهِمْ النَّفْسَ مِنْ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ، وَالْمُرَادُ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ بِالدِّيَةِ بِدَلَالَةِ التَّرْجَمَةِ وَغَيْرِهَا.

. فَصْلٌ:

إذَا (اصْطَدَمَا) أَيْ كَامِلَانِ مَاشِيَانِ أَوْ رَاكِبَانِ (بِلَا قَصْدٍ) لِلِاصْطِدَامِ فَوَقَعَا وَمَاتَا (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ) لِوَارِثِ الْآخَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ صَاحِبِهِ فَفِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَضْمُونٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ ضَمَانَ خَطَأٍ، (وَإِنْ قَصَدَا) الِاصْطِدَامَ (فَنِصْفُهَا مُغَلَّظَةً) لِأَنَّ الْقَتْلَ حِينَئِذٍ شِبْهُ عَمْدٍ (أَوْ) قَصَدَهُ (أَحَدُهُمَا) وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْآخَرُ (فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) مِنْ التَّخْفِيفِ وَالتَّغْلِيظِ (وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (كَفَّارَتَيْنِ) وَاحِدَةً لِقَتْلِ نَفْسِهِ وَأُخْرَى لِقَتْلِ صَاحِبِهِ، وَالثَّانِي كَفَّارَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَتَجَزَّأُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَنِصْفُهَا عَلَى الثَّانِي (وَإِنْ مَاتَ مَعَ مَرْكُوبَيْهِمَا فَكَذَلِكَ) دِيَةٌ وَكَفَّارَةٌ (وَفِي تَرِكَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ) أَيْ مَرْكُوبِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إتْلَافِ الدَّابَّتَيْنِ (وَصَبِيَّانِ أَوْ مَجْنُونَانِ) اصْطَدَمَا (كَكَامِلَيْنِ) فِيمَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَمِنْهُ التَّغْلِيظُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ وَسَوَاءٌ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا أَمْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيُّهُمَا (وَقِيلَ إنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ) لِأَنَّ فِي الْإِرْكَابِ خَطَرًا وَالْأَوَّلُ قَالَ لَا تَقْصِيرَ فِيهِ (وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ ضَمِنَهُمَا وَدَابَّتَيْهِمَا) لِتَعَدِّيهِ فِي ذَلِكَ، وَالضَّمَانُ الْأَوَّلُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِمَا (أَوْ) اصْطَدَمَ (حَامِلَانِ وَأَسْقَطَتَا) وَمَاتَتَا (فَالدِّيَةُ كَمَا سَبَقَ) مِنْ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفًا إلَخْ (وَعَلَى كُلٍّ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عَلَى الصَّحِيحِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَشْخَاصٍ نَفْسَيْهِمَا وَجَنِينَيْهِمَا. وَالثَّانِي كَفَّارَتَانِ بِنَاءً عَلَى التَّجَزُّؤِ وَإِنْ قُلْنَا: لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ فَثَلَاثٌ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَثَلَاثَةُ أَنْصَافٍ عَلَى الثَّانِي (وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينَيْهِمَا) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَلْقَتْ جَنِينَهَا بِجِنَايَتِهَا وَجَبَ عَلَى عَاقِلَتِهَا الْغُرَّةُ كَمَا لَوْ جَنَتْ عَلَى حَامِلٍ أُخْرَى (أَوْ) اصْطَدَمَ (عَبْدَانِ) وَمَاتَا (فَهَدَرٌ) لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ تَتَعَلَّقُ بِرِقِّهِ، وَقَدْ فَاتَتْ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الْقِيمَتَانِ أَمْ اخْتَلَفَتَا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَجَبَ نِصْفُ قِيمَتِهِ مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْحَيِّ (أَوْ) اصْطَدَمَ (سَفِينَتَانِ فَكَدَابَّتَيْنِ وَالْمَلَّاحَانِ) فِيهِمَا الْمُجْرِيَانِ لَهُمَا (كَرَاكِبَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَتَا لَهُمَا) فَإِذَا تَلِفَتْ السَّفِينَتَانِ بِمَا فِيهِمَا الْمَمْلُوكَتَانِ لِلْمَلَّاحَيْنِ الْمُجْرِيَيْنِ وَهَلَكَا أَيْضًا بِالِاصْطِدَامِ فَفِي تَرِكَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ سَفِينَةِ الْآخَرِ بِمَا فِيهَا وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَفِي مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَفَّارَتَانِ عَلَى الصَّحِيحِ السَّابِقِ (فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا مَالُ أَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (نِصْفُ ضَمَانِهِ وَإِنْ كَانَتَا لِأَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (نِصْفُ قِيمَتِهِمَا) وَوَجْهُ الضَّمَانِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الِاصْطِدَامَ نَشَأَ عَنْ الْأُجَرَاءِ، فَإِنْ حَصَلَ بِغَلَبَةِ الرِّيَاحِ وَهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَظْهَرِ، وَمُقَابِلُهُ قِيسَ عَلَى غَلَبَةِ الدَّابَّةِ الرَّاكِبِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ رَدَّهَا بِاللِّجَامِ مُمْكِنٌ. (وَلَوْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ) فِيهَا مَتَاعٌ وَرَاكِبٌ مَثَلًا (عَلَى غَرَقٍ جَازَ طَرْحُ مَتَاعِهَا) فِي الْبَحْرِ لِرَجَاءِ سَلَامَتِهَا، (وَيَجِبُ) طَرْحُهُ (لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ إذَا خِيفَ هَلَاكُهُ) وَيَجِبُ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ مَا لَا رُوحَ فِيهِ لِتَخْلِيصِ ذِي الرُّوحِ وَتُلْقَى الدَّوَابُّ لِإِبْقَاءِ الْآدَمِيِّينَ (فَإِنْ طَرَحَ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ طَرَحَهُ بِإِذْنِهِ رَجَاءَ السَّلَامَةِ (فَلَا) ضَمَانَ (وَلَوْ قَالَ) لِغَيْرِهِ (أَلْقِ مَتَاعَك) فِي الْبَحْرِ (وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ) فَأَلْقَاهُ فِيهِ (ضَمِنَ) الْمُلْقِي (وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (أَلْقِ) مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ فَأَلْقَاهُ (فَلَا) ضَمَانَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي فِيهِ الضَّمَانُ كَقَوْلِهِ أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ يَنْفَعُهُ قَطْعًا وَالْإِلْقَاءَ قَدْ لَا يَنْفَعُهُ (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ لِخَوْفِ غَرَقٍ وَلَمْ يَخْتَصَّ نَفْعُ الْإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي)، فَفِي غَيْرِ الْخَوْفِ لَا ضَمَانَ وَكَذَا فِي الِاخْتِصَاصِ بِأَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ عَلَى الشَّطِّ أَوْ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى، وَفِي الْأُولَى الْمَتَاعُ وَصَاحِبُهُ فَقَطْ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ الْمُلْتَمِسُ أَوْ غَيْرُهُ قِيلَ يَسْقُطُ قِسْطُ الْمَالِكِ وَهُوَ فِي وَاحِدٍ مَعَهُ مَثَلًا النِّصْفُ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. (وَلَوْ عَادَ حَجَرٌ مَنْجَنِيقٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ (فَقَتَلَ أَحَدَ رُمَاتِهِ هَدَرٌ قِسْطُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِينَ الْبَاقِي) مِنْ دِيَتِهِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلُهُمْ خَطَأٌ فَإِنْ كَانَ أَحَدَ عَشَرَةٍ سَقَطَ عُشْرُ دِيَتِهِ وَوَجَبَ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْ التِّسْعَةِ عُشْرُهَا (أَوْ) قَتَلَ (غَيْرَهُمْ وَلَمْ يَقْصِدُوهُ فَخَطَأٌ) قَتْلُهُ (أَوْ قَصَدُوهُ فَعَمْدٌ) قَتْلُهُ (فِي الْأَصَحِّ إنْ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ)، وَالثَّانِي شِبْهُ عَمْدٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ قَصْدٌ مُعَيَّنٌ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ هَذَا إنْ غَلَبَ عَدَمُ الْإِصَابَةِ فَشِبْهُ عَمْدِهِ جَزْمًا.

. فَصْلٌ:

(دِيَةُ الْخَطَإِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ) مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَذُكِرَ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ اقْتَتَلَتَا فَخَذَفَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا» أَيْ الْقَاتِلَةِ وَقَتْلُهَا مِنْ صُوَرِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الدِّيَةَ فِيهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَفِي الْخَطَإِ أَوْلَى (وَهُمْ عَصَبَتُهُ) أَيْ الْجَانِي مِنْ النَّسَبِ (إلَّا الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ) أَيْ الْأَبَ وَإِنْ عَلَا وَالِابْنَ وَإِنْ سَفَلَ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي رِوَايَةٍ «وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا» وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِ لِأَبِي دَاوُد «وَبَرَّأَ الْوَلَدَ» أَيْ مِنْ الْعَقْلِ وَيُقَالُ عَلَيْهِ الْأَصْلُ، وَرَوَى النَّسَائِيّ حَدِيثَ «لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ ابْنِهِ» (وَقِيلَ يَعْقِلُ) فِي الْمَرْأَةِ (ابْنٌ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا) كَمَا يَلِي نِكَاحَهَا وَالْأَوَّلُ يَجْعَلُ الْبُنُوَّةَ مَانِعَةً هُنَا (وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ)، فَالْأَقْرَبُ بِأَنْ يُنْظَرَ فِي عَدَدِهِ وَالْوَاجِبُ آخِرَ الْحَوْلِ وَيُوَزَّعُ عَلَى الْعَدَدِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ) مِنْ الْوَاجِبِ (فَمَنْ يَلِيهِ) أَيْ الْأَقْرَبَ يُوَزَّعُ الْبَاقِي عَلَيْهِ، وَهَكَذَا وَالْأَقْرَبُ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ كَالْإِرْثِ (وَ) يُقَدَّمُ (مُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ) عَلَى مُدْلٍ بِأَبٍ (وَالْقَدِيمُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَعْقِلُ (ثُمَّ) بَعْدَ عَصَبَةِ النَّسَبِ (مُعْتِقٌ ثُمَّ عَصَبَتُهُ) مِنْ النَّسَبِ إلَّا أَصْلَهُ وَفَرْعَهُ فِي الْأَصَحِّ (ثُمَّ مُعْتِقُهُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ) إلَّا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ عَلَى الْخِلَافِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُعْتِقٌ وَلَا عَصَبَتُهُ (فَمُعْتِقُ أَبِي الْجَانِي ثُمَّ عَصَبَتُهُ) مِنْ النَّسَبِ (ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتُهُ)، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ بَدَّلَ الْوَاوَ, (وَكَذَا أَبَدًا) أَيْ بَعْدَ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ مُعْتِقُ الْجَدِّ وَعَصَبَتُهُ إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاءُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ مِنْ عَصَبَةِ مُعْتِقِ الْأَبِ وَمُعْتِقِ الْجَدِّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ (وَعَتِيقُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (يَعْقِلُهُ عَاقِلَتُهَا) دُونَهَا (وَمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ) فِيمَا عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِجَمِيعِهِمْ لَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ يَحْمِلُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ) قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَا يُقَالُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَتَوَزَّعُ عَلَيْهِمْ تَوَزُّعَهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بَلْ يَنْتَقِلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ مِنْ الْعَاقِلَةِ كُلَّ سَنَةٍ نِصْفُ دِينَارٍ وَالْمُتَوَسِّطُ رُبْعُ دِينَارٍ (وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ إرْثِهِ، وَالثَّانِي نُظِرَ إلَى أَنَّ الْعَقْلَ نُصْرَةٌ وَالْعَتِيقُ أَوْلَى بِنُصْرَةِ مُعْتِقِهِ (فَإِنْ فُقِدَ الْعَاقِلُ) مِمَّنْ ذُكِرَ (أَوْ لَمْ يَفِ) مَا عَلَيْهِ بِالْوَاجِبِ فِي الْجِنَايَةِ (عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِ) الْكُلَّ أَوْ الْبَاقِيَ لِأَنَّهُ يَرِثُهُ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَمَالُهُ فَيْءٌ فَالْوَاجِبُ فِي مَالِهِ (فَإِنْ فُقِدَ) بَيْتُ الْمَالِ (فَكُلُّهُ) أَيْ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ (عَلَى الْجَانِي فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ ثُمَّ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ دَيْنًا فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَحَيْثُ وَجَبَ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى الْجَانِي فَيَتَأَجَّلُ تَأَجُّلُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهُ (وَتُؤَجَّلُ عَلَى الْعَاقِلَةِ دِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٍ) بِالْإِسْلَامِ وَالذُّكُورَةِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ (ثَلَاثَ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ) آخِرُهَا (ثُلُثٌ) التَّأْجِيلُ بِالثَّلَاثِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَزَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ إلَى قَضَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالظَّاهِرُ تَسَاوِي الثَّلَاثِ فِي الْقِسْمَةِ وَأَنَّ كُلَّ ثُلُثٍ آخِرُ سَنَتِهِ وَتَأْجِيلُهَا بِالثَّلَاثِ لِكَثْرَتِهَا، وَقِيلَ لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ (وَ) تُؤَجَّلُ دِيَةُ (ذِمِّيٍّ سَنَةً) لِأَنَّهَا قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ (وَقِيلَ ثَلَاثًا) لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ (وَ) تُؤَجَّلُ دِيَةُ (امْرَأَةٍ) مُسْلِمَةٍ (سَنَتَيْنِ فِي الْأُولَى) مِنْهُمَا (ثُلُثٌ) مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَالْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ.
(وَقِيلَ) تُؤَجَّلُ (أَثْلَاثًا) لِأَنَّهَا دِيَةُ نَفْسٍ وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْعَبْدَ بِالْقِيمَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ، وَالثَّانِي هِيَ فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةٌ كَبَدَلِ الْبَهِيمَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا كَانَتْ قَدْرَ دِيَةٍ أَوْ دِيَتَيْنِ (فَفِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ وَقِيلَ) كُلُّهَا (فِي ثَلَاثٍ) لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسٍ (وَلَوْ قَتَلَ رَجُلَيْنِ فَفِي ثَلَاثٍ وَقِيلَ سِتٌّ) تُؤْخَذُ دِيَتُهُمَا فِي كُلِّ سِتَّةٍ لِكُلِّ ثُلُثٍ دِيَةٌ عَلَى الثَّانِي (وَالْأَطْرَافُ) وَالْأُرُوشُ وَالْحُكُومَاتُ (فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ وَقِيلَ كُلُّهَا فِي سَنَةٍ) قُلْت أَوْ كَثُرَتْ (وَأَجَلُ النَّفْسِ مِنْ الزُّهُوقِ) لِلرُّوحِ (وَغَيْرِهَا مِنْ الْجِنَايَةِ)، وَقِيلَ مِنْ الِانْدِمَالِ (وَمَنْ مَاتَ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (بِبَعْضِ سَنَةٍ سَقَطَ) مِنْ وَاجِبِهَا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَنْ مَاتَ بَعْدَهَا (وَلَا يَعْقِلُ فَقِيرٌ) لِأَنَّ الْعَقْلَ مُوَاسَاةٌ وَالْفَقِيرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ لَا يَمْلِكُ مَا يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَتِهِ عَلَى الدَّوَامِ لَا مَنْ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا أَصْلًا، (وَرَقِيقٌ) لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَاتَبِ لَا مِلْكَ لَهُ وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ (وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ)، وَامْرَأَةٌ لِأَنَّ مَبْنَى الْعَقْلِ عَلَى النُّصْرَةِ وَلَا نُصْرَةَ بِهِمْ (وَمُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ وَعَكْسُهُ) إذْ لَا مُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا فَلَا مُنَاصَرَةَ (وَيَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكُفْرِ الْمُقَرِّ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي نُظِرَ إلَى انْقِطَاعِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَ (وَعَلَى الْغَنِيِّ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (نِصْفُ دِينَارٍ وَالْمُتَوَسِّطِ رُبْعٌ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ وَقِيلَ هُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ (وَاجِبُ الثَّلَاثِ) وَالتَّقْدِيرُ بِالنِّصْفِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ دَرَجَةِ الْمُوَاسَاةِ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَبِالرُّبْعِ لِحُصُولِ الْمُوَاسَاةِ بِهِ مِنْ مُتَوَسِّطٍ بَيْنَ مَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ عَلَيْهِ النِّصْفُ (وَيُعْتَبَرَانِ) أَيْ الْغَنِيُّ وَالْمُتَوَسِّطُ (آخِرَ الْحَوْلِ) فَقَطْ (وَمَنْ أَعْسَرَ فِيهِ) أَيْ فِي آخِرِ الْحَوْلِ (سَقَطَ) مِنْ وَاجِبِ ذَلِكَ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مِنْ قَبْلُ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ وَمَنْ أَعْسَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوسِرًا آخِرَ الْحَوْلِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ وَاجِبِهِ.
(فَرْعٌ): مَنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا وَصَارَ فِي الْآخِرَةِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ لَا يَدْخُلُ فِي التَّوْزِيعِ فِي هَذَا الْحَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ يَدْخُلُ فِيمَا بَعْدَهُ وَقِيلَ فِيهِمَا.

. فَصْلٌ:

(مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ) بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ (يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ لَهَا) أَيْ لِأَجْلِهَا أَوْ تَسْلِيمُهُ لِيُبَاعَ فِيهَا (وَفِدَاؤُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشُهَا وَفِي الْقَدِيمِ) يَفْدِيهِ (بِأَرْشِهَا) بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ رُبَّمَا بِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْجَدِيدُ مَا يَعْتَبِرُ هَذَا الِاحْتِمَالَ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَقِيلَ يَوْمَ الْفِدَاءِ (وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ مَعَ رَقَبَتِهِ فِي الْأَظْهَرِ)، وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَالرَّقَبَةُ مَرْهُونَةٌ بِمَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوفِ الثَّمَنُ بِهِ طُولِبَ الْعَبْدُ بِالْبَاقِي بَعْدَ الْعِتْقِ (وَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ جَنَى سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ) أَيْ لِيُبَاعَ أَوْ بَاعَهُ (أَوْ فَدَاهُ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا قَبْلَ الْفِدَاءِ بَاعَهُ فِيهِمَا) أَوْ سَلَّمَهُ لِيُبَاعَ فِيهِمَا (أَوْ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشَيْنِ) فِي الْجَدِيدِ (وَفِي الْقَدِيمِ) يَفْدِيهِ (بِالْأَرْشَيْنِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ وَصَحَّحْنَاهُمَا) أَيْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِمَا وَهُوَ الْقَوْلُ الرَّاجِحُ فِي إعْتَاقِ الْمُوسِرِ وَالْمَرْجُوحُ فِي بَيْعِهِ (أَوْ قَتَلَهُ فَدَاهُ) لُزُومًا (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ قَطْعًا لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ بِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ (وَقِيلَ) فِيهِ (الْقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا يَفْدِيهِ بِالْأَرْشِ (فَلَوْ هَرَبَ) الْعَبْدُ (أَوْ مَاتَ بَرِئَ سَيِّدُهُ) مِنْ عَلَقَتِهِ (إلَّا إذَا طَلَبَ) مَنْعَهُ (فَمَنَعَهُ) فَيَصِيرُ مُخْتَارًا لِفِدَائِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ صَادِقٌ بِأَنْ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ أَوْ طَلَبَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ (وَلَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَتَسْلِيمَهُ) لِيُبَاعَ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ (وَيَفْدِي أُمَّ وَلَدِهِ) الْجَانِيَةَ لُزُومًا لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قِيمَتِهَا وَالْأَرْشِ قَطْعًا (وَقِيلَ) فِيهَا (الْقَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا يَفْدِيهَا بِالْأَرْشِ أَبَدًا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَقِيلَ يَوْمَ الِاسْتِيلَادِ (وَجِنَايَاتُهَا كَوَاحِدَةٍ فِي الْأَظْهَرِ) فَيَفْدِيهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا، وَالْأَرْشِ فَتَشْتَرِكُ أَصْحَابُ الْأُرُوشِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْقِيمَةِ فِيهَا بِالْمُحَاصَّةِ كَأَنْ تَكُونَ أَلْفَيْنِ وَالْقِيمَةُ أَلْفًا، وَالثَّانِي يَفْدِيهَا فِي كُلِّ جِنَايَةٍ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَأَرْشُ تِلْكَ الْجِنَايَةِ، وَالثَّالِثُ كَالثَّانِي إنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ فِدَاءِ الْأُولَى وَكَالْأَوَّلِ إنْ أَخَّرَ الْفِدَاءَ عَنْ الْجِنَايَاتِ.

. فَصْلٌ:

(فِي الْجَنِينِ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (غُرَّةٌ إنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ) عَلَى أُمِّهِ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ كَضَرْبَةٍ قَوِيَّةٍ لَا لَطْمَةٍ خَفِيفَةٍ (فِي حَيَاتِهَا) أَوْ مَوْتِهَا مُتَعَلِّقٌ بِانْفَصَلَ (وَكَذَا إنْ ظَهَرَ بِلَا انْفِصَالٍ) بِخُرُوجِ رَأْسِهِ مَثَلًا مَيِّتًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ، وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ فِيهَا انْفِصَالُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ وَلَا ظَهَرَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ (فَلَا) شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ وُجُودَهُ (أَوْ) انْفَصَلَ (حَيًّا) بِجِنَايَةٍ عَلَى أُمِّهِ (وَبَقِيَ زَمَانًا بِلَا أَلَمٍ ثُمَّ مَاتَ فَلَا ضَمَانَ) فِيهِ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ مَوْتَهُ بِالْجِنَايَةِ، (وَإِنْ مَاتَ حِينَ خَرَجَ أَوْ دَامَ أَلَمُهُ وَمَاتَ فَدِيَةُ نَفْسٍ) لِأَنَّا تَيَقَّنَّا حَيَاتَهُ وَقَدْ مَاتَ بِالْجِنَايَةِ (وَلَوْ أَلْقَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا (جَنِينَيْنِ فَغُرَّتَانِ) فِيهِمَا (أَوْ يَدًا فَغُرَّةٌ) فِيهَا لِظَنِّ أَنَّهَا بِالْجِنَايَةِ بَانَتْ مِنْ الْجَنِينِ الَّذِي تَحَقَّقَ بِهَا. (وَكَذَا لَحْمٌ قَالَ الْقَوَابِلُ فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ) أَيْ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ (قِيلَ أَوْ قُلْنَ لَوْ بَقِيَ لِتَصَوُّرِ) أَيْ فَفِيهِ غُرَّةٌ وَإِنْ شَكَكْنَ فِي تَصَوُّرِهِ لَوْ بَقِيَ فَلَا غُرَّةَ فِيهِ قَطْعًا (وَهِيَ) أَيْ الْغُرَّةُ (عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ مُمَيِّزٌ سَلِيمٌ مِنْ عَيْبِ مَبِيعٍ)، وَلَوْ رَضِيَ بِقَبُولِ الْمَعِيبِ جَازَ (وَالْأَصَحُّ قَبُولُ كَبِيرٍ لَمْ يَعْجِزْ بِهَرَمٍ)، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً وَالثَّالِثُ لَا يُقْبَلُ بَعْدَهَا فِي الْأَمَةِ وَبَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي الْعَبْدِ (وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا) قِيمَةَ (نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ) وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ (فَإِنْ فُقِدَتْ فَخَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) بَدَلَهَا (وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ) بُلُوغُهَا مَا ذُكِرَ (فَلِلْفَقْدِ قِيمَتُهَا) عَلَى هَذَا (وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ) بِتَقْدِيرِ انْفِصَالِهِ حَيًّا ثُمَّ مَوْتِهِ. (وَعَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي) خَطَأً كَانَتْ جِنَايَتُهُ أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا بِأَنْ قَصَدَ غَيْرَ الْحَامِلِ فَأَصَابَهَا أَوْ قَصَدَهَا بِمَا لَا يُؤَدِّي إلَى الْإِجْهَاضِ غَالِبًا أَوْ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ (وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ فَعَلَيْهِ)، وَالْأَوَّلُ يَنْفِي الْعَمْدَ فِي الْجَنِينِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ أَوْ عَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ بِالْجِنَايَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ الْغُرَّةِ مَعَ الدِّيَةِ فِي فَصْلِ لُزُومِهَا الْعَاقِلَةَ.
(وَالْجَنِينُ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ قِيلَ كَمُسْلِمٍ وَقِيلَ هَدَرٌ وَالْأَصَحُّ) فِيهِ (غُرَّةٌ كَثُلُثِ غُرَّةِ مُسْلِمٍ) كَمَا فِي دِيَتِهِ. (وَ) الْجَنِينُ (الرَّقِيقُ) فِيهِ (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) عَلَى وِزَانِ اعْتِبَارِ الْغُرَّةِ فِي الْحُرِّ بِعُشْرِ دِيَةِ أُمِّهِ الْمُسَاوِي لِنِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ الْمُتَقَدِّمِ (يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَقِيلَ) يَوْمَ (الْإِجْهَاضِ)، وَالْقِيمَةُ فِي الْأَوَّلِ أَكْمَلُ غَالِبًا فَإِنْ فَرَضَ زِيَادَتَهَا بَعْدَهُ اُعْتُبِرَتْ الزِّيَادَةُ فَيُعْتَبَرُ أَقْصَى الْقِيَمِ مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى الْإِجْهَاضِ (لِسَيِّدِهَا) لِمِلْكِهِ الْجَنِينَ (فَإِنْ كَانَتْ مَقْطُوعَةً) أَيْ مَقْطُوعَةَ الْأَطْرَافِ (وَالْجَنِينُ سَلِيمٌ قُوِّمَتْ سَلِيمَةً فِي الْأَصَحِّ) بِأَنْ تُقَدَّرَ كَذَلِكَ لِسَلَامَتِهِ، وَالثَّانِي لَا تُقَدَّرُ سَلِيمَةً لِنَقْصِهَا لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ أَمْرٌ خِلْقِيٌّ وَفِي تَقْدِيرِ خِلَافِهِ بُعْدٌ وَلَوْ كَانَ الْجَنِينُ مَقْطُوعَ الْأَطْرَافِ وَالْأُمُّ سَلِيمَةٌ لَمْ تُقَدَّرْ مَقْطُوعَةً فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْجَنِينِ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَاللَّائِقُ الِاحْتِيَاطُ وَالتَّغْلِيظُ (وَتَحْمِلُهُ) أَيْ الْعُشْرَ فِي الْجَنِينِ الرَّقِيقِ (الْعَاقِلَةُ فِي الْأَظْهَرِ) هُمَا الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ فِي حَمْلِ الْعَاقِلَةِ الْعَبْدَ. ثَانِيهِمَا أَنَّهُ فِي مَالِ الْجَانِي.

. فَصْلٌ:

(تَجِبُ بِالْقَتْلِ) عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ خَطَأً (كَفَّارَةٌ) قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} الْآيَةَ وَغَيْرُ الْخَطَإِ أَوْلَى مِنْهُ (وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا وَمَجْنُونًا)، فَتَجِبُ فِي مَالِهِمَا فَيُعْتَقُ الْوَلِيُّ مِنْهُ (وَعَبْدًا) فَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ (وَذِمِّيًّا) وَتَكْفِيرُهُ بِالْعِتْقِ بِأَنْ يُسْلِمَ عَبْدُهُ فَيُعْتِقَهُ (وَعَامِدًا وَمُخْطِئًا) كَمُتَوَسِّطٍ بِجِنَايَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ (وَمُتَسَبِّبًا) كَمُبَاشِرٍ (بِقَتْلِ مُسْلِمٍ) وَلَوْ كَانَ (بِدَارِ حَرْبٍ) بِأَنْ ظَنَّ كُفْرَهُ لِكَوْنِهِ عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ (وَذِمِّيٍّ وَجَنِينٍ) لِضَمَانِهِمَا (وَعَبْدِ نَفْسِهِ وَنَفْسِهِ) لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (وَفِي نَفْسِهِ وَجْهٌ) أَنَّهُ لَا تَجِبُ لَهَا كَفَّارَةَ كَمَا لَا يَجِبُ ضَمَانُهُ (لِامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ حَرْبِيَّيْنِ وَبَاغٍ وَصَائِلٍ وَمُقْتَصٍّ مِنْهُ) أَيْ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ، لِعَدَمِ ضَمَانِ الْأَوَّلَيْنِ وَلِلْحَاجَةِ إلَى دَفْعِ الِاثْنَيْنِ بَعْدَهُمَا، وَلِاسْتِحْقَاقِ الْقِصَاصِ فِي الْأَخِيرِ. (وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ) فِي الْقَتْلِ (كَفَّارَةٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ قَاتِلٌ، وَالثَّانِي عَلَى الْجَمِيعِ كَفَّارَةٌ (وَهِيَ كَظِهَارٍ) أَيْ كَكَفَّارَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَابِهِ (لَكِنْ لَا إطْعَامَ) فِيهَا (فِي الْأَظْهَرِ) اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ فِيهَا مِنْ إعْتَاقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَالثَّانِي فِيهَا الْإِطْعَامُ كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ الْوَارِدِ فِيهَا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.

. كتاب دعوى الدم والقسامة:

بِفَتْحِ الْقَافِ وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الدَّمِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَعَبَّرَ عَنْ الْقَتْلِ بِالدَّمِ لِلُزُومِهِ لَهُ غَالِبًا وَالدَّعْوَى بِهِ تَسْتَتْبِعُ الشَّهَادَةَ بِهِ الْآتِيَةَ فِي الْبَابِ (يُشْتَرَطُ أَنْ يُفَصِّلَ) مُدَّعِي الْقَتْلِ (مَا يَدَّعِيهِ مِنْ عَمْدٍ وَخَطَإٍ) وَشِبْهِ عَمْدٍ (وَانْفِرَادٍ وَشَرِكَةٍ) فَإِنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ. (فَإِنْ أَطْلَقَ اسْتَفْصَلَهُ الْقَاضِي) بِمَا ذُكِرَ لِتَصِحَّ بِتَفْصِيلِهِ الدَّعْوَى (وَقِيلَ يُعْرِضُ عَنْهُ) لِئَلَّا يُنْسَبَ إلَى تَلْقِينٍ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ مَا يُشْعِرُ بِوُجُوبِ الِاسْتِفْصَالِ وَقَالَ الْمَاسَرْجِسِيُّ لَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يُصَحِّحَ دَعْوَاهُ وَهَذَا أَصَحُّ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِفْصَالُ، فَيَكُونُ أَوْلَى (وَأَنْ يُعَيِّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ) فِي دَعْوَاهُ فِي جَمَاعَةٍ حَاضِرِينَ (قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ) فَأَنْكَرُوا وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُمْ (لَمْ يُحَلِّفْهُمْ الْقَاضِي فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَا تَحْلِيفَ لِإِبْهَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يُحَلِّفُهُمْ أَيْ يَأْمُرُ بِحَلِفِهِمْ لِلتَّوَسُّلِ إلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمْ بِالْقَتْلِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ فِي يَمِينٍ صَادِقَةٍ (وَيَجْرِيَانِ فِي دَعْوَى غَصْبٍ وَسَرِقَةٍ وَإِتْلَافٍ) عَلَى أَحَدِ حَاضِرِينَ بِخِلَافِ دَعْوَى الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ لِأَنَّهَا تَنْشَأُ بِاخْتِيَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَشَأْنُهَا أَنْ يَضْبِطَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ.
(وَإِنَّمَا تُسْمَعُ) الدَّعْوَى (مِنْ مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ (مُلْتَزِمٍ) كَالذِّمِّيِّ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ (عَلَى مِثْلِهِ) أَيْ مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ وَمِنْهُ فِي الشِّقَّيْنِ مَحْجُورٌ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ (وَلَوْ ادَّعَى) عَلَى شَخْصٍ (انْفِرَادَهُ بِالْقَتْلِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ) الشَّرِكَةَ أَوْ الِانْفِرَادَ (لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ) لِأَنَّ الْأُولَى تُكَذِّبُهَا وَلَا يُمَكَّنُ عَنْ الْعَوْدِ إلَى الْأُولَى لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُكَذِّبُهَا (أَوْ) ادَّعَى (عَمْدًا وَوَصَفَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الدَّعْوَى فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ مَا لَيْسَ بِعَمْدٍ عَمْدًا فَيُعْتَمَدُ وَصْفُهُ، وَالثَّانِي يَبْطُلُ لِأَنَّ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ اعْتِرَافًا بِبَرَاءَةِ الْعَاقِلَةِ.
(وَتَثْبُتُ الْقَسَامَةُ فِي الْقَتْلِ بِمَحَلِّ لَوْثٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ (وَهُوَ) أَيْ اللَّوْثُ (قَرِينَةٌ لِصِدْقِ الْمُدَّعِي بِأَنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَعْدَائِهِ أَوْ تَفَرَّقَ عَنْهُ جَمْعٌ) وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا أَعْدَاءَهُ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَصَفَ مَحَلَّةً بِمُنْفَصِلَةٍ عَنْ بَلَدٍ كَبِيرٍ (وَلَوْ تَقَابَلَ صَفَّانِ لِقِتَالٍ) وَاقْتَتَلُوا (وَانْكَشَفُوا عَنْ قَتِيلٍ) مِنْ أَحَدِ الصَّفَّيْنِ (فَإِنْ الْتَحَمَ قِتَالٌ) بَيْنَهُمَا أَوْ وَصَلَ سِلَاحُ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (فَلَوْثٌ فِي حَقِّ الصَّفِّ الْآخَرِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَلْتَحِمْ قِتَالٌ وَلَا وَصَلَ سِلَاحٌ (فَ) لَوْثٌ (فِي حَقِّ صَفِّهِ) أَيْ الْقَتِيلِ (وَشَهَادَةُ الْعَدْلِ) الْوَاحِدِ بِأَنْ شَهِدَ أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ فُلَانًا (لَوْثٌ وَكَذَا عَبِيدٌ أَوْ نِسَاءٌ) أَيْ شَهَادَتُهُمْ لَوْثٌ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَفَرُّقُهُمْ) لِاحْتِمَالِ التَّوَاطُؤِ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ وَهَذَا أَشْهَرُ وَمُقَابِلُهُ أَقْوَى قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْأَصَحِّ بَدَلَ الْأَقْوَى (وَقَوْلُ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَكُفَّارٍ لَوْثٌ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الشَّيْءِ يَكُونُ غَالِبًا عَنْ حَقِيقَةٍ، وَالثَّانِي قَالَ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمْ فِي الشَّرْعِ وَالثَّالِثُ قَوْلُ الْكُفَّارِ لَيْسَ بِلَوْثٍ. (وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ) فِي قَتِيلٍ (فَقَالَ أَحَدُ ابْنَيْهِ قَتَلَهُ فُلَانٌ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ بَطَلَ اللَّوْثُ وَفِي قَوْلٍ لَا) يَبْطُلُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ (وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ) اللَّوْثُ (بِتَكْذِيبِ فَاسِقٍ) لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الشَّرْعِ وَهَذَا يَخُصُّ الْقَوْلَيْنِ بِالْعَدْلِ، وَالْأَصَحُّ لَا فَرْقَ (وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ زَيْدٌ وَمَجْهُولٌ وَقَالَ الْآخَرُ) قَتَلَهُ (عَمْرٌو وَمَجْهُولٌ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ وَلَهُ رُبْعُ الدِّيَةِ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحِصَّتُهُ مِنْهُ نِصْفُهُ (وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ فَقَالَ لَمْ أَكُنْ مَعَ الْمُتَفَرِّقِينَ عَنْهُ) أَيْ الْقَتِيلِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ. (وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ بِأَصْلٍ قُتِلَ دُونَ عَمْدٍ وَخَطَإٍ) وَشِبْهِ عَمْدٍ (فَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ مُطَالَبَةُ الْقَاتِلِ وَلَا الْعَاقِلَةِ، وَالثَّانِي قَالَ بِظُهُورِهِ خَرَجَ الدَّمُ عَنْ كَوْنِهِ مُهْدَرًا (وَلَا يُقْسَمُ فِي طَرَفٍ) وَجُرْحٍ (وَإِتْلَافِ مَالٍ إلَّا فِي عَبْدٍ فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ السَّابِقِ أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُهُ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحْمِلُهُ وَعَدَمُ الْقَسَامَةِ، فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهَا خِلَافُ الْقِيَاسِ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ وَهُوَ النَّفْسُ فَفِي غَيْرِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ مَعَ اللَّوْثِ وَعَدَمِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْقَسَامَةُ (أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ خَمْسِينَ يَمِينًا) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ بِذَلِكَ الْمُخَصِّصِ لِحَدِيثِ الْبَيْهَقِيّ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» (وَلَا يُشْتَرَطُ مُوَالَاتُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّ لَهَا أَثَرًا فِي الزَّجْرِ وَالرَّدْعِ، وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى أَنَّهَا حُجَّةٌ كَالشَّهَادَةِ فَجَوَّزَ تَفْرِيقَهَا فِي خَمْسِينَ يَوْمًا. (وَلَوْ تَخَلَّلَهَا جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ بَنَى) بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَإِنْ اُشْتُرِطَتْ الْمُوَالَاةُ لِقِيَامِ الْعُذْرِ (وَلَوْ مَاتَ) قَبْلَ تَمَامِهِ (لَمْ يَبْنِ وَارِثُهُ عَلَى الصَّحِيحِ)، وَالثَّانِي صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ (وَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ وَرَثَةٌ وُزِّعَتْ) الْخَمْسُونَ (بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجُبِرَ الْكَسْرُ وَفِي قَوْلٍ يَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) لِأَنَّهَا كَيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فِي غَيْرِ الْقَسَامَةِ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَاحِدَةَ لَا تَتَبَعَّضُ ظَاهِرٌ (وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَارِثَيْنِ (حَلَفَ الْآخَرُ خَمْسِينَ) وَأَخَذَ حِصَّتَهُ (وَلَوْ غَابَ) أَحَدُهُمَا (حَلَفَ الْآخَرُ خَمْسِينَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ) لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الْحُجَّةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْحَاضِرُ (صَبَرَ لِلْغَائِبِ) حَتَّى يَحْضُرَ فَيَحْلِفَ مَعَهُ مَا يَخُصُّهُ، وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ بَعْدَ حَلِفِهِ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ غَيْرَ حَائِزٍ حَلَفَ خَمْسِينَ فَفِي زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ عَشْرًا وَالْبِنْتُ أَرْبَعِينَ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا لَوْثٍ وَ) الْيَمِينُ (الْمَرْدُودَةُ) مِنْهُ (عَلَى الْمُدَّعِي أَوْ) الْمَرْدُودَةُ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ لَوْثٍ وَالْيَمِينُ مَعَ شَاهِدٍ خَمْسُونَ) لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فِي الْأَرْبَعِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ بِالْخَمْسِينَ، وَفِي الْأُولَى طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالْأَوَّلِ أَسْقَطَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ، وَفِي الثَّالِثَةِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِالْأَوَّلِ هِيَ الرَّاجِحَةُ فَقَوْلُهُ الْمَذْهَبُ لِلْمَجْمُوعِ.
(وَيَجِبُ بِالْقَسَامَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ دِيَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ) مُخَفَّفَةٌ فِي الْأَوَّلِ وَمُغَلَّظَةٌ فِي الثَّانِي كَمَا تَقَدَّمَ (وَفِي الْعَمْدِ عَلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ)، وَلَا قِصَاصَ فِيهِ فِي الْجَدِيدِ (وَفِي الْقَدِيمِ) فِيهِ (قِصَاصٌ) كَمَا فِي غَيْرِ الْقَسَامَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِضَعْفِهَا. (وَلَوْ ادَّعَى عَمْدًا بِلَوْثٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ حَضَرَ أَحَدُهُمْ أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ، وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ) كَالْأَوَّلِ (وَفِي قَوْلٍ خَمْسًا وَعِشْرِينَ) كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا يَحْلِفُ عَلَيْهِمَا خَمْسِينَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بَحَثَا هَذَا الْخِلَافَ (إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ) أَيْ الثَّانِي (فِي الْأَيْمَانِ) السَّابِقَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهُ فِيهَا (فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ) كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَمُقَابِلُهُ وُجِّهَ بِضَعْفِ الْقَسَامَةِ وَالثَّالِثُ إذَا حَضَرَ يُقَاسُ بِالثَّانِي فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ (وَمَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ أَقْسَمَ) مِنْ وَارِثٍ أَوْ سَيِّدٍ (وَلَوْ) هُوَ (مُكَاتَبٌ يُقْتَلُ عَبْدُهُ) وَلَا يُقْسِمُ سَيِّدُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ عَبْدَ الْمَأْذُونِ لَهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُقْسِمُ دُونَ الْمَأْذُونِ لَهُ. (وَمَنْ ارْتَدَّ) قَبْلَ أَنْ يُقْسِمَ (فَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ إقْسَامِهِ لِيُسَلِّمَ) فَإِنَّهُ لَا يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ (فَإِنْ أَقْسَمَ فِي الرِّدَّةِ صَحَّ) إقْسَامُهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِهِ نَوْعُ اكْتِسَابٍ لِلْمَالِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ الرِّدَّةُ كَالِاحْتِطَابِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَنْ الْمُزَنِيُّ وَحَكَى قَوْلًا مُخَرَّجًا وَمَنْصُوصًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ (وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) خَاصًّا (لَا قَسَامَةَ فِيهِ) لِأَنَّ تَحْلِيفَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَلَكِنْ يَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ وَيُحَلِّفُهُ..